أما الكتاب الثاني فينصب موضوعه على قضية التـرجيح بيـن الأوجه المختلفة للحديث الذي هو موضوع قائم كله على القرائن، وهي كثيـرة لا تنحصر، ولا ضابط لها بالنسبة إلى جميع الأحاديث، وتحتل أهمية بالغة بما تفيده من قبول أو رد حال التعارض والاختلاف على المدار، ولم يحكم المتقدمون في هذا المقام بحكم كلي يشمل القاعدة، بل ذلك دائر على غلبة الظن بتـرجيح أحدهما على الآخر بالقرائن التـي تحفه، ولهذا يختلف نظرُهم بحسب ما يقوم عندهم في كل حديث بمفرده. غيـر أن الملاحظة العامة على أغلب الدراسات المعاصرة التـي اهتمت ببيان إعمال المحدثيـن للقرائن أنـها استقت قالبـها العلمـي مما كتبه الباحثون عن القرائن في الفقه وأصوله، حتـى في صياغة التعريفات، ولعل ذلك لورود تعريفها عند بعض من صنف في أصول الفقه ، باعتبار علاقة الإمداد والاستمداد بيـن العلميـن، دون مراعاة لخصوصيات علم الحديث، في حيـن أن البحث ينبغي أن ينطلق من المرجعية المعرفية والمنهجية لعلم الحديث نفسه. وهذا البحث مقاربة للموضوع من زاوية تأصيلية، وأخرى تطبيقية، بالاشتغال بمجموعة من الأمثلة من أجوبة أبي زرعة الرازي (264هـ) عن أسئلة كل من: عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت 327ه) في كتاب "العلل"، وأبي عثمان سعيد ابن عمرو البـرذعي (ت 292ه) في سؤالاته لأبي زرعة.
ولا يخلو الكتاب الثالث كذلك: لــه أهمية كــبرى لطالب علم الحديث؛ لمــا لــه مــن شــأن عظــيم في بيــان طرق تحمــل الحــديث النبوي، وكيفيات الأداء، ودرجاتها، ومراتبهـا، وصـيغها، بعـد أن جمعـت شملهـا ولممـت شـعثها مـن بطـون كتـب مصـطلح الحـديث، وضـممت الأشـباه والنظـائر بعضـها إلى بعض.
والمركز إذ يهنئ الأستاذ الدكتور أشرف على هذه الإصدارت الجديدة المهمة فإنه يتمنى له كامل التوفيق والسداد في مسيرته العلمية إن شاء الله تعالى.